انطلاق أعمال ملتقى الأعمال التجارية وحقوق الإنسان في سلطنة عُمان
الملتقى يهدف لترسيخ حقوق الإنسان في بيئة الأعمال
انطلقت، اليوم الثلاثاء، أعمال ملتقى الأعمال التجارية وحقوق الإنسان في العاصمة العُمانية مسقط، بتنظيم من اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وبمشاركة واسعة من ممثلي الجهات الحكومية والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، ومنظمات أممية وأكاديمية، إلى جانب نخبة من الخبراء والباحثين الحقوقيين.
عقد الملتقى برعاية وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، قيس بن محمد اليوسف، في فعالية تُعد الأولى من نوعها بهذا المستوى في سلطنة عُمان، وتستمر على مدى يومين، بهدف تعزيز مكانة حقوق الإنسان في بيئة الأعمال وربطها بمسارات التنمية المستدامة، بحسب ما ذكرت صحيفة “الشبيبة” العمانية.
وأوضح رئيس اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان، الدكتور راشد بن حمد البلوشي، في كلمته الافتتاحية، أن سلطنة عُمان أدركت منذ وقت مبكر أهمية التلازم بين الحرية الاقتصادية واحترام حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن النظام الأساسي للدولة أرسى هذا التوازن، بينما عززته رؤية "عُمان 2040" عبر تركيزها على مبادئ الحوكمة والمسؤولية والاستدامة.
وأكد البلوشي أن انعقاد الملتقى يأتي في إطار ترجمة اختصاصات اللجنة المتعلّقة بالتوعية والتثقيف ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات الدولية، مشيرًا إلى أن الهدف يتمثّل في إرساء ثقافة مؤسسية قائمة على احترام حقوق الإنسان داخل بيئات الأعمال، وتعزيز الثقة بين الأطراف الفاعلة في السوق: المستثمرين، والموظفين، والمجتمع.
شراكة أممية
من جانبه، ثمّن الدكتور داميولاس أولاوي، عضو فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، مبادرة سلطنة عُمان بعقد هذا الملتقى، معتبرًا أنها خطوة متقدمة في تعزيز الحوار الإقليمي حول التزامات الشركات في مجال حقوق الإنسان.
وأشار إلى أن أكثر من 30 دولة حول العالم وضعت خطط عمل وطنية في هذا المجال منذ 2011، مؤكدًا أن سلطنة عُمان -بفضل ريادتها في قضايا المناخ واعتمادها استراتيجية الحياد الصفري، إلى جانب موقعها كمركز للابتكار وريادة الأعمال- مؤهلة لقيادة جهود المنطقة في هذا السياق.
وأعرب الدكتور أولاوي، عن ثقة الأمم المتحدة في قدرة عُمان على صياغة نموذج ملهم إقليميًا.
التشريعات والتمكين والمسؤولية
تضمّن اليوم الأول من أعمال الملتقى جلستين رئيستين، تناولت الأولى الإطار الدولي والوطني لحقوق الإنسان في قطاع الأعمال، من خلال مناقشة المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة، ودور رؤية "عُمان 2040" في تمكين حقوق الإنسان، وآليات حماية العمال، ودور مؤسسات التعليم العالي.
أما الجلسة الثانية، فركّزت على المسؤوليات المشتركة لتعزيز حقوق الإنسان، وناقشت عدة أوراق بحثية حول دور القضاء، وغرفة تجارة وصناعة عُمان، وهيئة حماية المستهلك، وشركة أوريدو في دعم الممارسات التجارية العادلة، وتمكين ذوي الإعاقة، وتكريس مبدأ عدم التمييز في بيئات العمل.
وشهد الملتقى في ختام يومه الأول إطلاق المبادرة الوطنية لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع الخاص، والتي تهدف إلى ضمان إدماجهم العادل في سوق العمل، وتفعيل مبدأ تكافؤ الفرص، ورفع مستوى التمكين الاقتصادي والاجتماعي للفئات الأكثر هشاشة.
وتسعى المبادرة إلى ترجمة مخرجات الملتقى إلى خطوات عملية ترتبط مباشرة بالسياسات الوطنية، وبما يساهم في تحقيق النسبة المستهدفة لتمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل.
السياسات المؤسسية والمجتمع المدني
من المقرر أن يناقش الملتقى، في يومه الثاني، موضوع بناء سياسات مؤسسية فاعلة لحماية حقوق الإنسان في قطاع الأعمال، بمشاركة منظمات المجتمع المدني والقطاعات المختلفة، بهدف تبادل أفضل الممارسات، واستعراض النماذج التشريعية الناجحة، والتصدّي للتحديات التي تعيق إدماج حقوق الإنسان في السياسات التجارية.
ويُعد هذا الملتقى امتدادًا للجهود الوطنية الرامية إلى ترسيخ مبادئ العدالة والشفافية في بيئات العمل، تماشيًا مع المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة، وبما يعكس التزام سلطنة عُمان بتحقيق تنمية اقتصادية عادلة ومستدامة تراعي الأبعاد الحقوقية والاجتماعية.
ويُسهم الملتقى في تعزيز الحوار بين الجهات المعنية، وتوسيع الوعي العام حول أهمية دمج حقوق الإنسان في مناخ الأعمال، وتحفيز المؤسسات المختلفة على تطوير سياسات قائمة على الشفافية، الإنصاف، وعدم التمييز، مما يعزز الثقة المحلية والدولية ببيئة الأعمال في سلطنة عُمان.